الحكم العثماني في الجزائر

الحكم العثماني في الجزائر

      دام الحكم العثماني في الجزائر لأكثر من ثلاث قرون منذ 1520م (وهو التاريخ الرسمي لإلحاق الجزائر بالدولة العثمانية) إلى غاية احتلال الجزائر من قبل فرنسا سنة 1830م، فخلال هذه الفترة الطويلة قد مرّ هذا الحكم العثماني بالمراحلِ الأربعِ التّاليةِ ذكرها:

      أ- مرحلة البايلربايات 1520-1587م:

      بعد تمكن  الإخوة بربروس من صد الهجمات الاسبانية على السواحل الجزائرية، قام السلطان العثماني بتعيين خير الدين بربروس  بايلربايًا على إيالة الجزائر أي مانحا إياه لقب “أمير الأمراء” نظرا لمجهوداته في تحرير المنطقة من الغزو الصليبي الاسباني  فقد نجح بالفعل  من تحرير حصن البنيون سنة 1529م منهم( وأصبح يطلق عليه اليوم ببرج الفنار)، وبعده تم تحرير بجاية  سنة 1555م في عهد البايلر باي “صالح ريس” ثم تحرير تونس من الوجود الاسباني بها في عهد البايلرباي “علج علي” سنة 1574م وهو تاريخ انضمام تونس للدولة العثمانية، هذا على الصعيد العسكري؛ أما على باقي الأصعدة فقد تميزت هذه المرحلة  بالاستقرار والازدهار  الاقتصادي  والعلمي والعمراني، وحتى لمهاجري الأندلس  الفارّين من البطش الاسباني إلى سواحل شمال إفريقيا كان لهم دورا في نقل وإضفاء لمستهم الحضارية في الجزائر.

 

    ب- مرحلة الباشاوات 1587-1659: 

في أواخر فترة حكم البايلربايات، بدأ يتجلّى للدولة العثمانية ضعف الارتباط بينها وبين وُلّاتِها على إيالة الجزائر، فقامت بإجراء تعديلات  في تعيين الحكام، حيث استبدل منصب البايلرباي  الذي كان يحكم ثلاث إيّالات في نفس الوقت (تونس ،طرابلس والجزائر وهو مركز الحكم) إلى “باشا” خاص بكل ولاية، وأوّل من تقلّد هذا اللقب في الجزائر هو الباشا “دالي أحمد” وتم تحديد فيها مدة الحكم بثلاث سنوات فقط.

في هذه الفترة من الحكم بدأت المصالح الشخصية  وجمع الثروة تطغى على الباشاوات على حساب  الاهتمام بحل مشاكل الإيّالة وأحوال سكانها، هذا الأمر أدّى لا محالة لظهور الخلافات بين رياس البحر واليولداش( الانكشارية )  على السلطة حيث كانوا مستائين من تمتع رِيّاس البحر بلقب أمير الأمراء.

ومن بين الأحداث البارزة في هذه الفترة، أنّه سنة 1601م تعرضت الجزائر لحملة اسبانية أخرى، كما اشتدّ التنافس الأوروبي بين كل من فرنسا، بريطانيا وهولندا من أجل الظّفر بامتيازات صيد المرجان في السواحل الجزائرية وإنشاء القواعد العسكرية لحماية تجارتهم بالمنطقة.

 

       ج- مرحلة الآغاوات 1659-1671م:

دامت فترة  هذا الحكم 12سنة فقط وهي الأقصر على الإطلاق، هنا أصبح كبار ضباط الانكشارية يقومون بتعيين “الآغا” من بينهم بعد أن قاموا بخلع الباشا الذي كان يتم تعيينه من طرف السلطان العثماني حلال مرحلتي ” البايلربايات والباشاوات”، وفي ظل غياب النفوذ العثماني الفعلي وسيادته على الجزائر، تفاقم الصراع والتنافس للوصول إلى سدة الحكم بين ضباط وفرق الانكشارية أنفسهم مما نتج عن ذلك خالة اللاّاستقرار في أمن البلد، و ضعفت الهيبة العسكرية أمام العدو الأجنبي.

أما سكان الإيالة الجزائرية فقد ساندوا قادة رياس البحر ضدّ الآغوات الّذين قطعوا الصّلة بالأستانة وبسبب قراراتهم الغير الرّشيدة تفشّى في المجتمع حالة من الفساد والفوضى.

 

    د- مرحلة الدايّات 1671-1830م:

تميّزت هذه المرحلة برجوع طائفة ريّاس البحر إلى تقلّد الحكم، حيث أصبح الحاكم في الإيّالة يطلق عليه لقب “الدَّايْ” بعد انتخابه من طرف أعضاء الدّيوان ويقوم السلطان بالموافقة عليه يعني بصفة رمزية ، كون الإيالة في هذه الفترة في أوّج قوتها مقارنة بالأستانة الّذي بدأ يدبّ الضّعف في هياكلها،  فالدّايات في بداية هذه المرحلة  التزموا بتوطيد الإرتباط مع السلطان العثماني أما في النصف الثاني منها أصبحت السيّادة  العثمانيّة اسميّة فقط، حيث كان وضوح ذلك  أنّ الدّاي  أصبح يقوم بإبرام المعاهدات والاتفاقيّات مع  الدوّل الأجنبية واستقبال البعثات الدبلوماسيّة، بل وصل الأمر حتّى لإعلان الحروب، وبعد تصفية سواحل الجزائر تماما من الغزو الاسباني آخرها كان في وهران والمرسى الكبير سنة 1792م الّذي شبّ الصّدام العسكري مرّةً أحرى في هذه الحقبة منذ 1708م.

 

   للمزيد راجع:

  • مبارك  بن محمد الهلالي الميلي، تاريخ الجزائر في القديم والحديث، ج3
  • أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي 1500-1830م، ج1
  • سعيدوني ناصر الدين، تاريح الجزائر في العهد العثماني
  • أحمد توفيق المدني، حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر واسبانيا.
  • عبد الرحمن الجيلالي، تاريخ الجزائر العام ، ج1-3
  • ويليام سبنسر، الجزائر في عهد رياس البحر

 

 

    

322 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *