كيف بدأ الخلق

كيف بدأ الخلق

جمع وترتيب: فؤاد ادعيس

كيف بدأ الخلق

صلة تاريخ البشرية منذ سيدنا آدم قصة خلق آدم كيف خلق الله الأرض كيف خلق الله الكون كيف بدأ خلق الكون

ذكر الله -تعالى- بداية خلقه للكون، ثمّ كيفيّة فنائه وإعادة خلقه، وجاء ذلك بخمسِ آياتٍ في القُرآن الكريم؛ الثلاث الأولى تُشير إلى كيفية خلقهما ابتداءً، أما الآية الرابعة والخامسة فتتحدّث عن إفنائه بعد ذلك قبل الآخرة، وبيان ذلك فيما يأتي:

 الآية الأٌولى:

قول الله -تعالى-: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)، وتُشير الآية إلى تمدُّد الكون مُنذ لحظته الأُولى إلى أن يشاء الله -تعالى-.

 الآية الثَّانية:

قوله -تعالى-: (أَوَلَم يَرَ الَّذينَ كَفَروا أَنَّ السَّماواتِ وَالأَرضَ كانَتا رَتقًا فَفَتَقناهُما وَجَعَلنا مِنَ الماءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤمِنونَ)، وتُشير الآية إلى ابتداء الخلق، وهي مرحلة الرَّتق الأوَّل، ثمَّ انفجار الرَّتق، وهذه تسمَّى مرحلة الفتق.

وتعدّدت أقوالُ المُفسّرين في معنى الرَّتق والفتق، فنقل الفخر الرازيِّ عن الحسن وقتادة ورواية عن عكرمة وابن عباس -رضي الله عنهم-: إنَّ السماء والأرض كانتا شيئاً واحِداً مُلتصقتين، ثُمَّ فصل الله -تعالى- بينهما، فرفع السَّماء وأقرَّ الأرض كالصورة التي هُما عليها الآن، وقال كعب:

إنَّ السَّماوات والأرض كانتا مُلتصقتين، ثُمَّ توسَّط بينهما شيئاً وباعدهما عن بعضهما البعض. وذهب أكثر المُفسّرين كابن عباس والحسن أنَّ السَّماوات والأرض كانتا رتقًا بالاستواء والصَّلابة، ففتق الله -تعالى- السَّماء بالمطر، والأرض بالنَّبات والشَّجر، لِقولهِ -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)، وجاء عن أبي مُسلمٍ الأصفهانيّ أنّ الفتق هو الإيجاد والإظهار، وقيل: إنَّ المقصود أنَّ السَّماوات والأرض كانتا مُظلِمتين، ففتقهما الله -تعالى- بإظهار النَّهار المُبصر، لِقولهِ -تعالى-: (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ)، وقيل:

إن المقصود بجعل كُلِّ واحدٍ منهُما سَبْعاً، وقيل: إنَّهما كانا صُلْبَيْنِ ففتقهما؛ ليُنزل المطر من السَّماء، ويُظهر النَّبات على الأرض.

الآية الثَّالثة:

(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)؛ وتُبيِّن الآية الكريمة تحوُّل الجُرم الأوَّل إلى مرحلة الدُّخان، وخلق الله -تعالى- السَّماوات والأرض من هذا الدُّخان الكونيِّ.

 الآية الرَّابعة:

(يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)، تشير الآية إلى عودة الكون بكلِّ ما فيه إلى جُرمٍ مُشابهٍ للجرم الأوَّل الذي ابتدأ به؛ وهي الرَّتق الثَّاني، أو طيُّ السَّماء، أو الانسحاق الشَّديد للكون، ثُمَّ عمليَّة الفتق الثَّاني، ثُمَّ تحوُّلِه إلى دُخان. الآية الخامسة: (يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزوا لِلَّـهِ الواحِدِ القَهّارِ)، وتُبيِّن الآية إعادة خلق أرضٍ غير هذه الأرض، وسماواتٍ غير هذه السماوات، وذلك في بداية اليوم الآخر. مراحل الخلق أكَّد القُرآن الكريم أنَّ الكون بدأ بمرحلة الفتق والرَّتق كما جاء في الفقرة السَّابقة، وهذا ما أكَّدته النَّظريات الفلكيَّة المُعاصرة، لِقولهِ -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السماوات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رتقًا فَفَتَقْنَاهُمَا)، وفي الآية دلالةٌ واضحةٌ على أنَّ الكون له بدايةٌ؛ وهي الرَّتق، ثُمَّ فُتِقَ إلى دُخانٍ، وخرج منها السَّماوات والأرض وجميع أجرام السَّماء وما ينتشرُ فيها.

وبيَّن الله -تعالى- أنَّه خلق السَّماوات والأرض في ستة أيامٍ، كما في قوله -تعالى-: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)، وقال مُجاهدٌ: إنَّ اليوم منها كألف سنةٍ من أيامنا التي نعدُّها، وجاء عن عبد الله بن سلام أنَّ خلق الأرض كان في يومي الأحد والاثنين، وقدَّر فيها أقواتها في يومي الثُّلاثاء والأربعاء، وخلق السَّماوات في يومي الخميس والجُمعة، وفي آخر ساعةٍ من الجُمعة خلق آدم -عليه السلام-.

أمّا في السّنة النبويّة فقد قال النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَومَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الجِبَالَ يَومَ الأحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَومَ الاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَومَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَومَ الأرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَومَ الخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عليه السَّلَامُ بَعْدَ العَصْرِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ، في آخِرِ الخَلْقِ، في آخِرِ سَاعَةٍ مِن سَاعَاتِ الجُمُعَةِ، فِيما بيْنَ العَصْرِ إلى اللَّيْلِ)، وهذا التَّرتيب الذي وقع عليه بدء الخلق، فخَلق الله السماوات وقدَّر فيها أقواتها في يومين، وخلق الأرض في يومين، وقدّر أقواتها في يومين آخرين، فيكون مجموع ذلك كلّه ستَّةُ أيامٍ، قال -تعالى-: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّـهُ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ استَوى عَلَى العَرشِ).

كيف بدأ خلق الإنسان بيَّن الله -تعالى- الكيفيَّة التي خلق بها آدم -عليه السلام- وذُريَّته، وهذه المراحل جاءت كما يأتي:

مراحل خلق آدم -عليه السلام-:

بدأ خلق آدم -عليه السلام- من تُراب، فخلقه الله -تعالى- بيده، ثُمّ مُزج التُراب بالماء، وتُسمّى هذه بالمرحلةُ الطينيّة، ثُمّ أصبح الطين فخاراً، وهي المرحلة الفخاريّة، ثُمّ نُفخ فيه الروح، وقد جاء على كلّ مرحلة أدلة من القرآن الكريم.

مراحل خلق الإنسان:

يبدأ تكوّن الجنين الإنسان من النُّطفة؛ وهي الماء الصافي الذي يخرُج من الرَّجل، ويُسمّى بالمني أو بالماء الدافق؛ لتدفُّقهِ واندفاعه، ثُمَّ العَلَقَة؛ وهي الدَّم المُتجمِّد، وسُمِّي بالعَلَقَة؛ لتعلُّقهِ بجدار الرَّحم، ثُمَّ المُضغة؛ وهي قطعة الَّلحم التي لم تنضج، ثُمَّ العِظام، ثُمَّ الَّلحم الذي يكسو العِظام، ثمَّ تَكَوّنه على صورته، ووردت هذه المراحل في قولهِ -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)، وعند اختلاط ماء الرَّجل بماء المرأة فإنّ ذلك يُسمَّى بالأمشاج، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا).

439 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *