3 عواصم اختارها العثمانيون

3 عواصم اختارها العثمانيون

يعترف عاشق باشا زاده (1400- 1484) الذي يعد أقدم مؤرخ معروف للدولة العثمانية، في كتابه الشهير “تواريخ آل عثمان”، بوجود روايات عديدة عن مرحلة تأسيس الدولة العثمانية، إلا أن الرواية التي اعتمدها تفيد بأن أرطغرل والد عثمان بك مؤسس الدولة كان ينتمي إلى قبيلة قايي، وعندما جاءت هذه القبيلة إلى الأناضول في أوائل القرن الـ13 كان الصراع على أشده بين السلاجقة والخوارزميين.

وقفت قبيلة قايي إلى جانب السلاجقة في حربهم ضد الخوارزميين، وبعد انتصار السلاجقة كافأ السلطان السلجوقي علاء الدين كيقباد، أرطغرل، حيث منحه أراضًا في مدينة كانت تُدعى “سووت” وتقع اليوم في مدينة سكاريا التركية، تكون له ولذريته من بعده، كما منحه منطقة دومانتش كمرعى صيفي، وشيّد أرطغرل مسجدًا صغيرًا في سووت، ويعتبره البعض أول أثر في تاريخ العثمانيين.

البداية: سووت

بعد وفاة أرطغرل، أصبح عثمان بك رئيسًا للقبيلة وبدأ في تأسيس الدولة العثمانية من “سووت”، لأجل ذلك، يعتبر بعض الباحثين أن أول عاصمة هي “سووت” لأنها شهدت ميلاد تأسيس الدولة، ورغم كبر واتساع الإمبراطورية العثمانية بعد ذلك، فإن سلاطين بني عثمان ظلوا يعتنون بـ”سووت”، حتى في أواخر عهد الدولة العثمانية، رمم السلطان عبد الحميد الثاني مسجد سووت الذي بناه أرطغرل وأقام مسجدًا آخر هناك ودارًا لليتيم ومدرسة.

رحل عثمان بك مؤسس الدولة العثمانية عام 1324، وخلفه ابنه أورهان بك الذي يعتبره المؤرخ الفرنسي البارز روبير مانتران في بحثه عن نشأة الدولة العثمانية، أنه من أخرج الدولة العثمانية من الظل، حيث اعتمد سياسة “الفتح”، وفي عام 1326 كانت مدينة بورصة ضمن هذه الفتوحات.

بورصة

كانت هناك العديد من الأسباب لنقل العاصمة من سووت إلى بورصة، وهي أسباب جغرافية في المقام الأول، فهي قريبة من ساحل مرمرة وقريبة من المدن التي يرغبون في فتحها لاحقًا. ويذكر مانتران أيضًا أن بورصة كانت بالنسبة للعثمانيين بداية جديدة، حيث عرفوا الاستقرار الدائم لأول مرة، بعد أن كانت حياتهم تعتمد على الترحال، سواء في آسيا الوسطى أم حتى في الأناضول ما بين “سووت” شتاءً و”دومانتش” صيفًا.

ووفق العديد من المصادر، استمرت بورصة عاصمة للدولة العثمانية لمدة 39 عامًا، وشيد العثمانيون فيها العديد من المساجد والمدارس والأوقاف، ويعد مسجد الغازي أورهان من أول هذه الآثار في بورصة، كما شيد بيازيد الصاعقة أيضًا المسجد الكبير هناك، وذكر الرحالة العثماني أوليا شلبي في كتابه “سياحتنامه” أن هذا المسجد هو “أيا صوفيا بورصة”.

لقد كانت إدرنة تضمن للعثمانيين احتفاظهم بالفتوحات التي حققوها في أوروبا، وهو السبب الذي جعل العثمانيين يخوضون العديد من المعارك، أبرزها معركة “صرب صنديغي” مع الصليبيين عام 1364، وربح هذه الحرب التي كانت إحدى أهم نتائجها أن إدرنة أصبحت العاصمة الجديدة للدولة العثمانية.

إدرنة

وبحسب ما ذكره الباحث التركي أحمد أوصال في كتابه “تاريخ وثقافة إدرنة” فإن إدرنة ظلت حتى عهد السلطان مراد الثاني والد محمد الفاتح، مسرحًا لصراعات الأمراء على العرش، كما ورد في أغلب المصادر التاريخية، وهو ما يعرف في التاريخ العثماني بعهد “الفترة” الذي شهد خلافات كبيرة بين أبناء السلطان بيازيد الأول.

ويذكر أوصال أنه رغم هذه الخلافات التي شهدتها إدرنة فإن العثمانيين تركوا في العاصمة الجديدة عدة آثار أيضًا مثل المسجد الذي شيده السلطان مراد الثاني والمعروف بجامع الشرفات الثلاثة، والعديد من القصور مثل القصر الجديد، بالإضافة إلى العديد من الجسور وغيرها من الآثار.

102 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *