اللون الأسود وارتباطه بمعانٍ ورموز

اللون الأسود وارتباطه بمعانٍ ورموز

منذُ تمكّنتْ شبكيةُ الإنسان من التمييز بين درجات الألوان، بدأت الجماعاتُ البشرية تربطُ كلّ لون بمعنى وقيمة محددة، بحيثُ يتمّ استحضار الحالة والشعور المقترن باللون بمجرد رؤيته. وصارت الألوان بذلك جزءاً من منظومات القيم والرموز لدى الثقافات والأديان المختلفة.

اللون الأسود

ارتبط اللون الأسود عند البشر بالظلام والغموض؛ فهو لون الليل الذي تخرُجُ فيه الوحوش وتكثرُ فيه الأخطار، ومع تطوّر الأديان والمعتقدات ارتبط اللون الأسود، عند معظمها، بمشهد الموت وما يعقبه من حالة الحداد. وفي العقائد “الثنوية” التي آمنت بإلهين؛ واحد للخير وآخر للشّر، كان إله الخير هو إله النّور، في مقابل إله الشّر الذي هو إله الظّلام.

وفي اليهودية، جاء في “سفر التكوين” أنّ السّواد كان هو لون الكون قبل الخلق، عندما قال الرّب “ليكن نور”. وفي الديانة المسيحية، ارتبط الأسود بالشرّ، والموت، والظلام، والجهل، والوثنية، وكان هو اللون الذي اختارته المخيّلة المسيحية للباس الساحرات، تعبيراً عمّا بلغوه من الشرّ والضلال.

ولكنَّ اتجاهاً آخرَ ظهر في المسيحية وتعاملَ مع هذا اللون بشيء من الإيجابية، وذلك حين تمّ اعتباره بمثابة اللون المعبّر عن الزهد، والتقشّف، والبساطة، فكان اللون السائد في ملابس الرهبان والقساوسة في كلّ من الكنيسة الكاثوليكية، والأرثوذكسية، والبروتستانتية، كتعبير عن الزهد، وللتمييز عن الآخرين.

أما في الإسلام، فكان اللون الأسود، إلى جانب الأخضر والأبيض، أكثر الألوان شهرةً بين بالمسلمين، ويعود ذلك بالأساس إلى كونه لون راية الرسول، عليه السلام، المعروفة بـ “راية العقاب”، وهي راية مربّعة كانت لواء النبي، عليه السلام، في المعارك.

وارتبط اللون الأسود بشيعة آل البيت، حين اتخذوه شعاراً لهم؛ حداداً على الحسين، رضي الله عنه، وتذكراً لواقعة كربلاء، وكتمييز عن الدولة الأموية التي اتخذت اللون الأبيض علماً لها. وكانت الدولة العباسية من أشهر الدول التي اتخذت السواد شعاراً وعلماً لها.

واليوم ينتشر استخدام اللون الأسود في أعلام وشعارات عدد من الحركات والتنظيمات الإسلامية، التي ترفع شعار الجهاد وتطالب بإحياء الخلافة، كـ: حزب التحرير، وتنظيم القاعدة، وتنظيم داعش. وعلى المستوى الشّعبي، يرتبط اللون الأسود بلباس العباءة والنقاب عند المرأة المسلمة المتديّنة.

102 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *